أخر الاخبار

الدوري الاسباني

الرياضة الجزائرية

الأحد، 29 يونيو 2014

أزيد من ثلاث سنوات على تطبيق مدونة السير، أية حصيلة؟

  إن العالم اليوم يواجه حربا حقيقية للطرق لا تقل خطورة عما تتسبب فيه الحروب من مآسي وآلام. و تعود أو حادثة سير في العالم إلى عام 1896 في لندن عندما سقطت أول ضحية من ضحايا السير، ويتعلق الأمر بالسيدة بريد جيت دريسكول التي دهستها سيارة وهي تسير بسرعة بطيئة (8,12 كلم)، إلا أن بريد جيت دريسكول لم تكن في الواقع سوى الضحية الأولة من ملايين الضحايا الأخرى عبر الحقبة الزمنية الفاصلة بين تاريخ هذه الحادثة والزمن الذي نعيشه الآن.
     و كما لا يخفى على أحد أن المغرب يحتل الصدارة الأولى في انتشار حوادث السير على المستوى العربي، بينها يحتل المرتبة السادسة عالميا، بحيث نفقد كل سنة ما يزيد عن الأربعة آلاف ضحية، أي بمعدل أحد عشر قتيلا يوميا بالإضافة إلى الجرحى و المعطوبين مع ما ينتج عن ذلك من آثار وخيمة تدمر استقرار الأسرة و العائلات وتكلف الدولة مبالغ ضخمة، إذ ينفق المغرب أكثر من 10 مليارات درهم سنويا لتعويض ضحايا حوادث السير. و بالرجوع إلى الإحصائيات الرسمية المتعلقة بحوادث السير، نجد أن العالم يفقد حوالي 3000 ضحية يوميا وذلك بمعدل ضحيتين في كل دقيقة، أما عن عدد الجرحى والمعطوبين فيناهز العشرين مليون مصاب ومنهم من تتسبب لهم هذه الحوادث في حصول عجز بدني كلي أو جزئي يمنعهم أو يعرقلهم من ممارسة أعمالهم المهنية.
     و تعود أسباب حوادث السير حسب الخبراء و المهتمين لثلاثة عوامل، أولها مرتبط بالعنصر البشري و الثاني له علاقة بالبنية التحتية المخصصة لتنقل العربات، أما العامل الأخير فهو مرتبط بالحالة الميكانيكية للعربات، و يبقى العنصر البشري هو الأكثر مساهمة في هذه الظاهرة الخطيرة. فإلى أي حد يمكن اعتبار مدونة السير عاجزة لوحدها لإيقاف ظاهرة حوادث السير؟ و هل هناك أساليب أخرة يمكن الإعتماد عليها للحد من طوفان حوادث السير؟
أولا: عجز المقاربة الزجرية لوضع الحد لنزيف حرب الطرق
       أمام هول حوادث السير بالمغرب، عملت الجهة الوصية على هذا القطاع إلى طرح مشروع قانون متميز يهدف إلى وضع حد لهذه الكارثة التي تحصد 11 ضحية يوميا وقد تم المصادقة عليها في البرلمان ودخلت حيز التنفيذ في فاتح أكتوبر 2010.
     و رغم أن هذه المدونة تمتاز بطابعها الزجري الصارم حيث تم الاعتماد على أسلوب الردع كأسلوب ملائم لتضع حدا لنزيف حرب الطرق، فبالإضافة إلى العقوبات السالبة للحرية و الغرامات المالية، نرى أن المشرع أتى بالكثير من المستجدات القانونية الصارمة التي يمكن إجمالها فيما يلي:
ـ تشديد العقوبات و الغرامات تبعا لجسامة المخالفات.
ـ الاعتماد على نظام رخصة السياقة بالنقط و تحديد طرق خصمها و استرجاعها، و هذا النظام يعد بمثابة إجراء جديد في المدونة وهو معروف لدى بعض الدول. فبالرجوع إلى الباب المنظم لسحب النقط، يتبن أن هناك الكثير من الحالات التي تستوجب سحب النقط، و يبدأ السحب من نقطة واحدة كعدم احترام إجبارية استعمال حزام السلامة، وقد يصل الأمر إلى سحب 16 نقطة من رصيد النقط إذا تعددت المخالفات  الموجبة للسحب وتم ارتكابها في وقت واحد.
ـ تعدد الحالات الموجبة لسحب وإيقاف رخصة السياقة
ـ رصد المخالفات بطريقة آلية وتبليغ المحاضر للمخالفين عبر البريد المضمون، وهذه الأداة من الأساليب الجديدة التي تم الاعتماد عليها من أجل رفع الحيف والظلم الناتج عن تجاوزات وتعسفات الأعوان المكلفين لمراقبة مخالفات قانون السير، و القضاء على المحسوبية والزبونية.
ـ التشدد مع الجهات المكلفة بتعليم السياقة و التربية على السلامة الطرقية
    أمام هذه المقاربة الزجرية التي تزخر بها مدونة السير، فهل استطاعت هذه المدونة أن تضع حدا لنزيف حرب الطرق؟
    لقد مر أكثر من ثلاث سنوات على تطبيق مدونة السير و هي مدة كافية من أجل تقييم حصيلتها و مدى مساهمتها في التقليص من حوادث السير. لكن للأسف ما زالت  الحصيلة مؤلمة، بحيث لم تتمكن مدونة السير من التقليص من حوادث السير، و عليه يمكن القول بأن المقاربة الزجرية ، كيفما كانت صرامتها، غير كافية لوحدها لوضع حد لظاهرة تفشي حوادث السير بالمغرب، ولو أتينا بأرقى التشريعات العالمية  في هذا المجال، لأنه من غير المعقول أن نستنسخ قانونا أجنبيا مع أنه ينقصنا أكثر مما هو متوفر لديهم لا من حيث التجهيزات أو البنيات التحتية و لمستوى الوعي و الانضباط الذي وصل إليه المواطن في هذه المجتمعات، سواء من حيث المستوى الثقافي أو الصراحة المتبادبة بينه و بين السلطات التي يخضع لها، وهذه المقومات مفقودة في مجتمعنا الذي لا يزال يعاني من ارتفاع نسبة الأمية بين مختلف شرائح المجتمع بالإضافة لانتشار بعض العادات السيئة كالرشوة و الفساد و عدم الانضباط... لذلك فإننا نؤكد بأن المقاربة الزجرية في حاجة إلى مقاربة أخرى موازية لها.
ثانيا: الاعتماد عن المقاربة الوقائية للحد من طوفان حوادث السير
    بما أن الوقاية خير من العلاج ، لذلك فإن أحسن أسلوب لمواجهة حوادث السير هو توعية المجتمع، إصلاح البنية التحتية والتكثيف من مراقبة العربات.
1 ـ التوعية
     لقد تبين من خلال تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال أن الاعتماد بشكل كلي على الأسلوب الزجري لوحده غير كافي، و ليس بحل ناجح لتطويق معضلة حرب الطرق، بحيث يتم في غالب الأحيان بخرق القانون بطرق غير مشروعة، مما يشجع على تكرار مخالفات قانون السير.
     لذلك ينبغي التركيز بشكل كبير على العنصر البشري بتوعيته وفقا لأساليب وقائية، ففي الدول الإسكندنافية و بريطانيا التي قامت بالتركيز على العنصر البشري قد انخفضت فيها حوادث السير، و المؤكد أن هذه الدول لم تصل إلى هذه النتيجة الإيجابية بتشديد العقوبات على المخالفات المتعلقة بالسير، وإنما بتعميم ونشر ثقافة احترام القانون واحترام حقوق الغير وإنقاص مستوى الأنانية في استعمال الطريق العام.
    و يعتبر الإعلام سواء السمعي أو البصري أفضل وسيلة لنشر هذه التوعية، إذ لا يخفى على أحد أهمية الوصلات الإشهارية التي تبين مدى فضاعة هذه الحوادث الناجمة عن عدم احترام قانون قانون السير وذلك بالسرعة المفرطة و التجاوزات الخاطئة. ثم التركيز على البرامج الهادفة إلى الحفاظ على السلامة الطرقية للمساهمة في تطويق هذه الظاهرة، وكذا التركيز على الهاتف المحمول الذي يساهم برفع نسبة وقوع حوادث السير نتيجة استعماله غير المعقلن.
2 ـ إصلاح البنية التحتية
    و دعما لأساليب الوقاية لابد ومن الضروري الاهتمام بالبنية التحتية وذلك بإصلاح الشبكة الطرقية، سواء في المجال الحضري أو القروي، وجعلها صالحة للاستعمال وفق المعايير المتعارف عليها في هذا الأمر، وعدم الإكتفاء بالإصلاحات الترقيعية. كما يتعين محاربة النقط السوداء التي تعتبر مقابر لضحايا حوادث السير، حيث أن هناك مناطق معروفة تتكرر فيها حوادث السير و يكمن الحل في توسيع شبكة الطرق السيارة لتجاوز هذه النقط السوداء، والتقليل من حوادث السير.
3 ـ مراقبة المركبات
     ما يؤرقنا للأسف الشديد، أن هناك نسبة كبيرة من المركبات المتلاشية و المتهالكة التي تستعمل الطريق العمومي بفعل التسهيلات التي تقدمها بعض مراكز الفحص التقني لهذا النوع من العربات غير المؤهلة.
    لذلك ينبغي على على الجهاز الوصي على قطاع النقل اتخاذ قرارا حازما لإزاحة هذا الأسطول من السيارات،الشاحنات و الحافلات  المتهالكة من الطريق العام.
       و نكرر القول في الأخير، بضرورة وضع خطة استراتيجية محكمة، وذلك بتظافر الجهود بين مختلف الجهات سواء الرسمية أو غير الرسمية، كل من موقعه الخاص، للوقوف على أسباب هذه الظاهرة قصد محاربتها في العمق، والبداية ستكون باستغلال منبر الإعلام كسلطة رابعة لها من القوة والتأثير ما يكفي، و المنطق يفرض توعية المجتمع بمختلف الوسائل الممكنة حتى نتمكن من الحفاظ على الحق في حياة و الحق في السلامة الجسدية و هما حقان من الحقوق الدستورية.
     أما بالنسبة لإصلاح المنظومة التشريعية المتعلقة بالسير فهي بمثابة آخر حلقة لتتويج المخطط الهادف إلى التخفيف من حدة مآسي حوادث السير التي تؤرق مضجع الجميع.



 
      











مواضيع مشابهة :

هناك تعليق واحد :

  1. Merkur Gold Strike Safety Razor - FEBCASINO
    Merkur's Gold Strike Safety https://jancasino.com/review/merit-casino/ Razor, 바카라 사이트 Merkur Platinum kadangpintar Edge Plated Finish, German, Gold-Plated, Satin Chrome Finish. Merkur has a wooricasinos.info more https://febcasino.com/review/merit-casino/ aggressive looking,

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظة ©2013